لماذا نفضل بعض أصناف الطعام ولا نفضل بعضه؟

كتب @samarakhater:

سلسلة علم نفس الطعام

نتسائل في كثير من الأحيان لماذا أحب هذا الصنف من الطعام ولا أحب آخر؟ لماذا كنت لا أحب صنفا في صغري، لكن الآن أفضله بعد سنوات عديدة؟

علينا أن نعي في البداية أن سلوك تناول الطعام ليس بالأمر السهل، بل إنه معقد بعض الشيء، وستجيب هذه السلسة علم نفس الطعامعن الكثير من أسئلتكم بذكر بعض التفاصيل والعوامل النفسية والبيلوجية المؤثرة في هذا السلوك، و سنتحدث في هذه المقالة عن العوامل التي أثرت في تفضيلنا أو عدم تفضيلنا لأصناف الطعام المتعددة.

اختيار الطعام مثل أي سلوك إنساني معقد؛ يرتبط بسلسلة عوامل تتأثر ببعضها البعض، و كما نعلم جميعا أنّ المحرك الرئيسي لهذا السلوك هو الجوع، ولكن سلوك اختيار الطعام لا يتم فقط تحديده بناءً على عامل فيسيلوجي، هناك عوامل خارجية عدة تؤثر عليه مثل: العوامل الحسية كالرائحة، اللون و مظهر الطعام، العوامل الاجتماعية و العوامل النفسية مثل التوتر والقلق، و العوامل الدينية و الاقتصادية تؤثر أيضا على هذا السلوك. وسنذكر مؤثرين آخرين مهمين بتفصيل أكثر.

المؤثر الأول: المؤثر الجيني

نعم قد يكون ذلك مستغرباً لكن الإستعداد الجيني يلعب دورا بسيطا في هذا السلوك. كما تقول المحللة النفسية“Elizabeth Phillips” من جامعة أريزونا:” نحن نولد ولدينا القابلية الفطرية لتقبل الطعم الحلو وعدم تقبل الطعم المر“. وتفسر إليزابيث ذلك:”الأطعمة ذات المذاق الحلو تكون عادة في الفواكه الناضجة التي تمدنا بالطاقة والعديد من الفايتمينات المهمة؛ لذلك نحن مهيئون لتقبلها بشكل طبيعي ولذلك نستطيع تمييزها عندما تكون بمذاق مر على أنها فاسدة أو غير ناضجة بعد، و هذا النفور من المذاق المر يفسر لماذا بعض الناس لا تحب بعض الخضراوات التي يميل طعمها للمرار قليلا .

Eating Food

الأطفال حديثي الولادة لديهم ردود أفعال مباشرة للمذاق الحلو والمر، في حين يتطور تمييزالطعم المالح بعد فترة وجيزة من ولادتهم“. تضيف فيليبس إليزبيث:” وجد بعض المحللين أن تفضيلنا للمذاق المالح قد يكون من سمات التكيّف البيئي للإنسان حيث تكوّن معظم المعادن الضرورية للبقاء على قيد الحياة“.

المؤثر الثاني: تفضيل الطعام هو سلوك متعلم

أي؛ تفضيل أصناف الطعام أو كرهها هو سلوك نطوره ونتعلمه خلال حياتنا. مثلا، الجنين يتغذى و يستنشق من السائل المحيط به المنكه بغذاء أمه، وقد أظهر العلماء أن الأطفال الذين تعرضوا للثوم أو اليانسون في السائل المحيط بهم في الرحم كانت ردود أفعالهم أقل سلبية تجاه الروائح من باقي الاطفال الذين ليس لديهم خبرة سابقة مع التوابل. و تعرف ردة الفعل تجاه الروائح علميا باسم:”Olfactory Discrimination”.

و بعد الولادة يستمر تشكيل سلوكنا تجاه أصناف الطعام المختلفة حتى عمر السنتينتقول إليزبيث، حيث يجرب الطفل كل المذاقات والأصناف بشكل عشوائي، و بعد السنتين من عمره، يبدأ اختيار طعامه طبقا لتجاربه السابقة، و يبدأ تصنيفه للطعام بأنه يحب أو يكره أنواع معينة نتيجة لتجاربه مرورا و هو برحم أمه و أثناء رضاعته و من خلال ما تم تجريبه خلال السنتين. و كلها تجارب تزيد احتمالية حبه أو عدم تفضيله لبعض أصناف الأطعمة .

و هنا يقع الكثير من الأهالي في خطأ كبير عند عدم رغبة أبنائهم في تناول بعض الأطعمة، و ربما تتوقف سنوات عديدة عن عرضها لهم مع أنها قد تكون مفيدة لهم. و لكن في الواقع أي شيء جديد لم يجربوه من قبل ليس لديهم خبرة مسبقة معه لن يفضلوه. لذا، المفتاح في حل ذلك هو إدخال نكهات أو أصناف الطعام الغير مفضلة في وجبات أخرى مفضَلة؛ أي أن تجعلها ليست بالجديدة عليه حتى يعتادها وذلك بتكرار تناوله، حيث أشارت الدراسات أنه يستغرق من 10-15 مرة حتى نعتاد طعم جديد و نتقبله .

في النهاية نحن لا نأكل الطعام لأننا نحبه، و لكننا نحب الطعام لأننا نأكله! و تذكروا ما يأكل الناس ليس فقط استنادا إلى التفضيلات الفردية، ولكن هذا السلوك مقيد بالعديد من الظروف التي ذكرنا بعضها سابقاَ، سيفيدكم هذا كثيراً اذا ما قررتم تغيير برنامجكم الغذائي.

و ستبقى لدينا عدة تساؤلات سنجيبها في المقال القادم من السلسلة المثيرة للاهتمام علم نفس الطعام، هل اختلاف الجنس يؤثر على أنواعنا المفضلة للطعام؟ وكيف تدمن أدمغتنا أصناف معينة عن غيرها ؟

المراجع :

Marc David ,Mind over food , the Institute for the Psychology of Eating

, Why we love and hate food JUSTINE PICARDIE, Daily Mail

European Journal of Clinical Nutrition , (1997) June

LauretteDubé,Jordan L. LeBel,Ji Lu , Affect asymmetry and comfort food consumption

المنشورات: 1

المشاركون: 1

اقرأ كامل الموضوع